قال :
الثقافــــة .........
كلمة قديمة وعريقة في العربية، فهي تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، وفي المعجم " وثقف نفسه "
أي صار حاذقاً خفيفاً فطناً، وثقفه تثقيفا اي سواه، وثقف الرمح، تعني سواه وقومه، والمثقف في اللغة هو القلم المبري,
وقد اشتقت هذه الكلمة منه حيث أن المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة كما هو حال القلم عندما يتم بريه.
بدأنا الموضوع بتعريف مفهوم القافة أو مصطلحها
وكما نعلم أن الثقافة مجموعة من السلوكيات أيضا
والأفكار والعادات التي تورث من جيل لأخر.
ثقافة الأخلاق والحديث واللبس وثقافة الأكل
والمناسبات وكيف يمارسها الجيل وفق ما
هو يراه مناسبا له ،فقد يضيف لها شيئا
وقد يحذف أو يتنازل عن الكثير منها.
سابقا كانت مصادر الثقافة محصورة في عدة مصادر
أهمها الثقافة الإسلامية والكتب وعقول المفكرين وما
يروجون له من ثقافات بين الناس.
أما اليوم فنحن نرى مصادر الثقافة متنوعه وكثيرة
الإعلام والإنترنت وبرامج التواصل التي تغذي العقول
بالكثير من الثقافات التي قد لا تتناسب مع كثير من
المبادئ والقيم ومع هذا فهي تجد قبولا كبيرا بين الناس.
ومع هذا نحن نحتاج لتحديث الثقافات التي ورثناها من
الأجيال التي مضت، بعضها أصبح لا يناسبنا فعلا ،ولكن
من يقوم بهذا التحديث؟؟ وهل تحديث الثقافة يعني التنازل
عن مبادئنا وأخلاقنا كما يشاع الأن وإلا أصبحنا متخلفين!!
دعونا نطرح عليكم بعض الأسئلة البسيطة نوعا ما كالعادة
لنعرف رايكم فيما طرحناه أعلاه من رأيي شخصي يظل في
نهاية الأمر قد يكون خاطئا كما قد يكون صائبا.
أولا هل أنت / أنتي مع ما ذكرناه؟؟
ما هي في نظرك أهم مصادر الثقافة القوية الأن؟؟
ما هي الثقافات التي تتمنى إضافتها لهذا الجيل؟؟
أو حذفها كذلك؟؟
قلت :
عن تلكم الثقافة ...
التي يراها البعض أنها الكل المركب الذي يحوي المعرفة
والعقائد والقيم والعادات والتي تندرج في ذاك المكتسب من الفرد
في ذاك المجتمع ،
ومنهم من يرى :
على أنه التنظيم الي يكشف عن مظاهر الافعال والمشاعر
يُعبر عنها الفرد عن الطريق اللغة والرمز .
والعديد من التأويلات التي يتشعب منها معنى الثقافة
حتى البعض جعلها الكائن المستقل
عن الجماعة والأفراد !
والذي يسلو الفؤاد له :
أنه السلوك ، ونمط التفكير ، وذاك التكامل ، والتعارف ،
والتوافق الذي تعارف عليه أفراد المجتمع ، ليكون لهم الهوية ،
التي بها يُعرفون ، ويميزون عن باقي الخلق .
فلكل أمة :
ذاك الحامض النووي الذي لا يُشابهه
أي حِمض آخر ، فاستفردت ، وانفردت به عن من سواها ،
وعلى هذا وجب التنبه لهذا ،
لأن :
من بتجاوزها ويتعداها يكون فيه الاشكال ، لكونه تسّور
على المتعارف عليه ، لتكون ردة الفعل الرفض ،
والعناد .
لتبقى الثقافة :
هي ثمرة التفاعل بين الأفراد ،
فلا يوجد على وجه الأرض مجتمع لا يحمل أي ثقافة ،
من أجمل التعريفات للثقافة لمحمد عفيفي :
” كل ما صنعه الإنسان فى بيئته خلال تاريخه الطويل فى مجتمع معين وتشمل اللغة ، والعادات ،
والقيم وآداب السلوك العام ، والأدوات والمعرفة والمستويات الاجتماعية ،
والأنظمة الاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والتعليمية ، والقضائية .
فهى تمثل التعبير الأصلي عن الخصوصية التاريخية لأمة من الأمم ،
عن نظرة هذه الأمة إلى الكون " .
تلك المتغيرات :
التي تطرأ في المجتمع وعلى سبيل المثال لا الحصر في الملبس
والمأكل ، وقد تكون انطلاقته في المدن ، والأماكن المنفتحة
فيما نُسميها اليوم العواصم ، حين يستقبلها من يعيش
في الريف وفي المجتمعات المنغلقة يراها بداية التحول
إلى حياة جديدة قد تُهدد بقاء المتوارث ،
وما هي إلا فترة فيعتاد عليها أولئك المتوجسون ،
لتكون المسألة مسألة بث الوعي ، ونشر الجديد ،
لتكون لهم عادة وكأنها كانت ملازمة لهم
ولكن من حيث لا يشعرون .
ما يقع في الكثير :
من المتحمسين في تغيير المجتمع وكأنهم
يُريدون التغير بمجرد ضغطة زر من
" الريموت كونترول " !
وهذا ضرب من المستحيل أن يأتي
من يقلب ويغير ما اعتادوا عليه
في غمضة عين !!!
وللأسف الشديد :
حين يأتي من يريد استئصال ما تعارف عليه المجتمع ، كالقيم
والعادات والتقاليد متجاهلاً أنها " قُدسية " ولا يمكن المساس
بها !
ومع هذا :
اليوم باتت تلك القيم والمبادئ والعادات مهددة بالانقراض ،
ليبقى بني الانسان مكون " مادي " لا يُلقي للإنسانية
أي بال ، أناني النزعة ، غارق في أناه !
فمن العادات والتقاليد :
ما توطد للناس علاقاتهم وتجعلهم
مزيج متجانس .
ليجعل من بعض التصرفات وتلك الأفعال
التي يقوم بعضهم بها والتي تُعبر عن الجهل
الذي يلفظه ويرفضه العقل السوي .
فاليوم بفضل الله :
نجد ذاك النضج الفكري والوعي الفَتي ،
حين بدت تلك الاصلاحات ، وتلك العمليات التصحيحية ،
لتحجيم وتنشيف منابع الجهل لدى بعض أفراد المجتمع ،
ببث الوعي بينهم ، وتعريفهم بأن بعض السلوكيات والطقوس
ما أنزل الله بها من سلطان ، والكثير ممن اعتنق تلك الفكرة ، وتبناه بل
وسعى على احياءها في كل مناسبة هجرها وحذر منها ،
وبهذا :
يكون المثقف قد احتوى أفراد المجتمع ،
بعد أن نزل في الميدان ليُشارك الناس
تلك الفرحة ، ويواسيهم في الأحزان .
لا أن :
يشن عليهم حملات التسفيه والتحقير ،
ووصفهم بالتخلف والجهل القبيح !
وبأن العادات والتقاليد هي من أوقفت
عجلة التطور ، والتقدم ، والتحضر .
لأن المثقف لا يمكن أن ينال مبتغاه من غير أن ينزل في الميدان
ليكون جنباً بجنب مع العامة فلولا ذاك لن ينفع التنظير والتسويق
ولو قضى العمر كله ، فلن ينال غير العزلة ، والكره الدفين .
المصيبة :
تكمن حين يظن البعض أن الثقافة بشقها المادي ،
لا يمكن أن ترسخ في أذهان المجتمع من غير أن تُهمَّش ،
وتُقزَّم لديه تلكم المعاني المعنوية !
لتكون العادات والتقاليد ، وتلك العقائد هي الحائل
للوصول لمعنى الحضارة ، والتمدن ، والتحضر .
ومن تمعن :
في النهضة الاسلامية لوجدها وقد امتدت :
إلى القرن الثاني عشر ، ليكون القرن الثالث عشر ،
إلى الخامس عشر مرحلة الموازنة ، لتكون القرون التي
تليها مرحلة الانحسار والتجمد .
ومن هنا يبزغ ذاك السؤال الكبير :
هل كانت تلك القيم ، والعادات ، والتقاليد ، والمبادئ
حائلاً لبلوغ تلك المرتبة من التقدم العلمي والمعرفي
طول تلك القرون كما يُروج به بعض المحبطين
المنهزمين ؟؟!!
في ظل هذا التهافت الكبير :
فلا مناص من خوض غمار الجديد ، وما نحتاجه هو المحافظة على الهوية
هويتنا الاسلامية ، وما نحمله من قيم ومبادئ من تمسك بها وبثها بين الانام لقام الخير وعم كل مكان ،
كي لا نذوب في ذوات الآخرين الذين نتباين معهم ونتقاطع لوجود تلكم الاختلافات في الفكر والثقافة والدين .
ولا يعني ذلك أن نتقوقع وننعزل عن الآخرين !!
وإنما :
" نسعى لنكون بتلكم القيم مستمسكين " .
أنا مع :
المسير في ركب التقدم الحضاري
والأخذ بالجديد لكون الأمر يتطلب ذلك ،
وإن كنا نأمل :
أن تكون لدينا تلك الامكانات وأن تكون لنا مؤسساتنا
ودور البحوث وتلك المؤسسات البحثية ،
لنحافظ بذاك على هويتنا وتكون لنا استقلاليتنا
نأخذ من الآخرين الجديد لنكيفه وفق نظرتنا
ليكون خالصاً لمن أراد النهل منه .
ختاماً :
أريد أن أوضح نقطة والتي تتمثل في ذلك الاعتقاد
لدى البعض بأن الصراع في الرؤية الاسلامية
هو صراع بين الكفر والايمان !
بل هو بين الحق والباطل والفرق بينهما شاسع جداً
لنضرب بذلك مثالاً :
لو كان الجار المسلم الملتزم على باطل
وذاك الكافر الملحد المخالف على حق
وجب حينها أن يكون الوقوف مع الحق
بصرف النظر عن الذي يحمله ذاك
صاحب الحق .
تلك هي الرؤية الاسلامية :
التي تنطلق من قاعدة العدل والمساواة في القانون
لا كما يتصور البعض بأنه بني على الاستئصال
والاقصاء ومحاربة المخالف !
فعلى المثقف المسلم :
أن يكون داعية للم الشمل وبث الوعي وتأصيل
المبادئ والحث عليها لأنه المسؤول عن استقرار
المجتمع .