"يتعرض الإنسان في حياته إلى كثير من المواقف التي قد تنازعه نفسه بالإقدام
عليها لكنه يحجم…!
– ترى من يُعيّن في وظيفة براتب مغرٍ في منطقة بعيدة، فيفرح ويبشر زوجته وأولاده، ولكن والدته تطلبه بالبقاء عندها، فيترك هذه الوظيفة -التي طالما حلم بها-
لأجل والدته!
أتظنّ أنّ الله لا يشكر سعيه… ؟
أو ترى مَن يهجره أخوه لهفوة لا تُذكر، يستطيع أن يجازيه بمثل صنيعه، لكن نفسه الرحيمة الأبيّة لا ترضى بالمثل، فيسارع إلى برّه وصلته حفظاً لحق الرحم.
أتظنّ أنّ الله لا يشكر سعيه ؟!
-يبحث في هاتفه المحمول عن مسألة دينية أو اجتماعية فيظهر له عناوين أو صور أو مقاطع لا تُرضي ربه، يمكنه أن يطّلع عليها فليس عنده جليس يراه، ولا مخلوق يراقبه، لكنه استحضر عظمة الخالق الذي يراه ويراقبه، فسارع إلى إغلاقها.
أتظنّ أنّ الله لا يشكر سعيه… ؟!
أخي القارئ:
تعترضك كثيرٌ من المواقف التي تشبه ما سبق؛ إن تركتها لله
فأبشِر بالخلف والعوض في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: “إنك لن تدع شيئاً لله إلا بدلك الله ما هو خيرٌ لك منه”، وفي رواية: “إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه”.
وما أجمل مقولة الشيخ عبدالرحمن السعدي حين قال:
“فمَن ترك شيئاً تهواه نفسه عوّضه الله خيراً منه في الدنيا والآخرة، فمَن ترك معاصي الله ونفسه تشتهيها، عوضه الله إيماناً في قلبه، وسعة وانشراحاً، وبركة في رزقه، وصحة في بدنه، مع ما له من ثواب الله الذي لا يُقدر على وصفه”.
والكلمة القيمة لابن القيم التي قال فيها:
“والعوض أنواع مختلفة، وأجلّ ما يُعوّض به: الأُنس بالله ومحبته، وطمأنينة القلب به، وقوته ونشاطه، وفرحه ورضاه عن ربه -تعالى-“.
والأمثلة على ما تقدم لا تحصى…، والواقع خير شاهد بما لا يمكن إنكاره وجحده، كما قال سبحانه: ” نَزِدْ لَهُ فِيْهَا حُسْنَى”.
ختاماً:
قدِّم المعروف وانتظر الخير من الله تعالى فهو الشكور الذي لا يخيب من عمل إحساناً وأحسن الظن به تجد الجزاء في دنياك وأخراك..
مَن يصنع الخير لا يُعدم جوازيهِ…
لا يذهب العُرف بين الله والناس".