جميل من الإنسان - أيًّا كان هو - أن يكونَ نقطة ضوء تُنير
دروب الآخرين،
نقطة ضوء تأخذ بأيديهم؛ ليقودهم إلى برِّ الأمان والمعرفة النافعة الهادفة، نقطة ضوء يتجاوزُ بها الآخرون أمواج الدنيا ومطبَّاتها، نقطة ضوء تأخذ بأيدي الآخرين نحو الجنة.
جميل أن يكون قلمُك نقطة ضوء
تبعث في الآخرين كلَّ خير.
جميل أن يكون لسانُك نقطة ضوء تُريح بها الآخرين.
جميل أن تكون كلماتُك نقطة ضوء تُنير بها عقول وقلوب الآخرين.
جميل أن يكون حديثُك نقطة ضوء تبعث الأمل في نفوس الآخرين.
جميل أن يكون صمتُك نقطة ضوء وإلهام تبثُّ العافية في أجساد الآخرين.
جميل أن يكون فكرُك نقطة ضوء تحدث النضج في أفهام الآخرين.
جميل أن تكون نظرتُك نقطة ضوء تريح وتمنح الأمانَ لمن تنظر إليه من الآخرين.
جميل أن يكون دورك نقطة ضوء تُشرِق بها الشمس لتدخل منها إلى نوافذ الآخرين.
حين تكون هكذا نقطة ضوء جميلة في كل شيء، هنا ستكون الدنيا بك حقًّا بخير، نعم بخير طالما أن فيها مَن هم مثلك من نقاط الضوء الملهمة المشعة بالخير.
سؤال أملكُ إجابته:
هل أنت قادر على أن تكون نقطة ضوء وجميلًا وصاحبَ بصمة ضوئية يتذكرها الآخرون، دون نسيان ومِن آنٍ إلى آخر؟
أنا أعتقد أنك بل كلنا جميعًا قادرون وجديرون بذلك، فقط إن رغبنا.
متى يشع الضوء؟!
لكن المهم في النقطة أن يعلن صاحبها أولًا الجمالَ في داخله؛ حتى يمكن أن يطفو على خارجه، فمَن أحسَنَ تجميل نفسه مِن الداخل، وأضاء دواخل نفسه بنفسه، تولَّى اللهُ تحسين نفسه أمام الناس، وجعل منه نقطة ضوء تنير الدروب لكل الآخرين؛ الحائرين وغير الحائرين.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ﴾ [الأنعام: 122].
فمهما كانت حياتك بها نواقص وابتلاءات، فانظر إلى الجانب المشرق فيها؛ انظر إلى نقاط قوتك ولا تُركِّز على نقاط ضعفك؛ فوراء كل نقطة ضعف نقاط قوة هائلة تنتظرك؛ لتفتح لها الأبواب المؤصدة.
فالقمر يطل من نافذة السماء ليُخبرني أنَّ وسط كل عتمة لا بُدَّ
من بزوغ نقطة مضيئة تهدي السائرين، وبعد كل ليل طويل، لا بُدَّ من فجر يبزغ ليطمئن قلب الحائرين، ثم شمس تشرق لتمحو آثار كل ليل حزين؛ فابتسم كلما رأيت القمر في السماء، وتذكَّر أن
بعده فجرًا وشمسًا يُعلنانِ بداية يوم جديد؛ يوم مختلف عن كل أيام عمرك، وبيدك أنت أن تجعله مشرقًا أو معتمًا، فما تعتقده ينطبع على دقائق يومك، وما تفكِّر فيه يُلوِّن أوقاتك بلون تفكيرك.
ومع كل نسمة صباح جديدة، بارقة أمل تُخبِرك أنَّ الله أنعم عليك بمزيد من الحياة، وغيرك لم يستيقظ من نومه؛
فانطلق وخض بقوة وعزم غمار الحياة مهما كانت الصعوبات التي تعترض طريقك ومهما كانت التحديات؛ فالذكي من أضاف إنجازًا جديدًا كل يوم إلى حياته، والأذكى من كان إنجازه لآخرته ودنياه، فجمع بين الحسنيَينِ.