كثيرا ما نلزم أنفسنا على الصمت .. لأننا ببساطة نجد الراحة في الصمت غير أن
الصمت من شخص الى شخص يختلف .. وليس كل ملتزم ولاجئ للصمت قد اتخذ
من الصمت الحكمة وجعل منه حكمة وحل لتجنب الكثير الغير صائب والغير لائق .
هل يختلف الصمت من شخص إلى أخر؟
هناك من يصمت لأنه شعر بعدم الرغبة في الحديث والتكلم في الحين فأجّل الكلام وفضّل
الصمت وقتها وهناك من يتهرب بالصمت والكثير من يهرب بالصمت وهناك من الصمت
ضعفه فليس له المقدرة والجرأة في أنه يرد ويتكلم ويقول بكل صراحة وشجاعة وصدق
فيختار الصمت لأنه أسهل الطرق .. وهناك من يصمت من أجل نفسه وراحته وهناك من
يصمت من أجل الغير وهناك من يصمت من أجل الحفاظ على سر ما مثلا .. فالصمت
لدى كل واحد فينا غرض ما نستخدمه في الوقت الخاطئ غالبا أو الصحيح نادرا.
من اختار الصمت فقد اختار الحكمة والرزانة والهدوء .. اختار الجيد لنفسه وغيره
وللجميع .. غير أن من تعود على الصمت اعتمده اليوم وغدا ودوما وهنا الخطأ الكبير
الذي يقع فيه الشخص الذي صمت وصمت وصمت الى أن تعود على الصمت فنسي
الكلام وفقد الرد وربط لسانه بيده .
أحياناً يكون الصمت راحة وأحياناً يكون مرهق
يقال أن الصمت راحة .. فهو فعلا راحة متى كان في الأوقات والأماكن والأوضاع التي
لا كلام فيها سوى الصمت ومع الأشخاص الذين عدم الدخول في حوار وحديث معهم هو
الصواب والراحة كمن يخاطب المجنون ويرد على الصغير بعقل الكبير وعقاب الكبير .
في الصمت الراحة والتعب والإرهاق، الصمت المريح هو ذلك الصمت الذي هو حكمة ..
والصمت المرهق هو ذلك الصمت الذي تترك فيه راحتك وحقك ونفسك وقيمتك وكل ما
يعنيك وتتعامل وكأنك لا تعرف نفسك حتى هي .. سكوتك وصمتك على الحق خدعة
يخدع بها المرء نفسه .. السكوت والصمت في حالة الرد المطلوب كذبة يقنع بها المرء
نفسه وهو غير مقتنع فالمنطق والعقل يقول غير ذلك ..
الصمت قد ألحق بالعديد بأنهم مهملون مقصرون .. لا يبالون .. مخطئون غير مسؤولين ..
متهربين والكثير من الإدعاءات التي لا نقول عنها سوى أنها صحيحة لأن لا يوجد غير
مبرر أخر للصمت سوى ما قيل ويقال .
إنتقاء الوقت المناسب للكلام أو الصمت
لك أن تصمت متى أردت ولكن ليس دوما ودائما .. لك أن تصمت متى رأيت أن الصمت
سيفيدك لا غير ذلك.. فمتى كان الصمت مصيبتك ومشكلتك وجب التخلص منه حالا وفك
رباط اللسان ليتحرر ولتعود الأوضاع الى حالها الطبيعي المطلوب .
الصمت المرهق قد تتحمله قليلا ولكن ليس كثيرا .. فليس بالمستطاع تحمل الصمت طويلا
واللجوء للصمت دوما ومع كل شيء هو عدم احساس وفقدان الشعور لا غير ذلك ..
متى أرهقك الصمت فأنت في حالة الرد والتكلم حالا .. متى أرهقك الصمت طلقه لتتخلص
من ما قد يلحقه بك مستقبلا .. فكثرة الصمت ليس لصالح أحد فلا يجد الصمت هنا وهناك
ومع هذا وذاك فالذي يستحق الصمت كان الصمت والذي يستحق الكلام كان الكلام والذي
يستحق الرد كان الرد فهكذا الأمور تسير حسب الظروف .