كان الاعتقادُ في السّابق ، أي قبل هذا الوباءِ الأخير ، أنّهُ من يملكُ المال يستطيعُ أن يملك كلّ شيءٍ !
ثم جاء الأخير ليُبرهن أنّ مال الدّنيا قد لا يجد طبيباُ في وقتٍ متأخر أو حتّى في وضح النّهار !
وأنّ مال الدنيا قد لا يجدُ سريرَ عنايةٍ أو قليلاً من أوكسجين ساعةَ الحاجة !
وأنّ مال الدنيا قد لا يشتري لهفةً مِن مُحِبّ ..
جاء هذا الوباء ليُخبرنا أنّهُ ثمّة أشياءٌ - بالفِعل - لا تُشترى ..
حتّى بمال الدنيا .. فهي أغلى من ذلك بكثير !
جاء الوباء الأخير ليُؤكّد ضرورةَ أن يكون هنالك ولو طبيبٌ واحدٌ في كلّ عائلةٍ يحمل همّ عائلته ثم الأقرب فالأقرب في الملّمات الصّعبة كهذا الوباء الأخير .
جاء الوباء الأخير ليُخبر كلّ طبيبٍ بقيمة كلّ دقيقة سهرٍ و دِراسة ومشقةٍ وكلّ دقيقة تعلُّمٍ صعبٍ تحمّلها من قبل ..
وأكسبتُه نظرةً طبيةً وبُعداً وتوجُّهاً لا يملكُه من هم خارج الكادر الطبي مهما حاولوا و اجتهدوا في ذلك .
رغم ذلك .. ليس ضرورياً وجود طبيب في كلّ عائلة !!
المهم وجود طبيبٍ بضمير حيّ وقلبٍ مُلتهف ..
البارحة دخلت مريضةٌ مسنّة مُهملة طبياً و فقيرة العناية والرّعاية والحنان وكل شيء !
وهذا بادٍ في ملامحها التي لا تكذب أبداً !
ورغم ذلك قال مُرافقها : أنها أُخت الطبيب فلان !!
استغرق الأمر مني دقائق لأستوعب أن أخت ذالك الطبيب المعروف بنبله المُدّعى و علمه وعمله وغناه وأخلاقه و تفانيه ... !! أخته .. ! في هذا الموقف من الضّعف والإهمال والافتقار لطبطبة أخٍ قبل طبيب !
ورغم ذلك التّرك والتخلي إلا أنّها تُحبّ أن تَذكُر اسم أخيها الطبيبَ المشهور ! في كُل محفل علّها تلقى اهتماماً زيادةً ! وهو يسقط من أعيننا زيادة .. !
ثمّة ألوانٌ من العقوق ظهرت وتظهر ..
وثمّة ألوان من البر ظهرت وتظهر
وخيرنا خيرنا لأهله ..
أفكّر هذه الأيام في المرضى الذين لا يملكون مالاً وليس في عوائلهم أحدٌ يقول لهم أن الأمر أصبح خطيراً وهم بحاجة مشفى .. فيضيُق قلبي ..
ثم أستذكرُ ..
إلا على الله رزقُها ..
أستذكر الطّير من فوقي صافاتٍ ويقبضن أجنحتهنّ ما يُمسكهن إلا الرحمن
من سيدبّر للفقير أمره إلا الرحمن
من سيسخر لكلّ مريضٍ وكلّ لله أمره طبيباً رحيماً إلا الرّحمن
الله لا ينسى أحداً .. حاشى لله أن ينسانا ..
وما تسقُط من ورقةٍ إلّا ويعلمها
وهو اللطيف الخبير