يمل الإنسان إذا ما سار على نمط واحد في حياته، سواء في مأكله أو مشربه
أو ملبسه، أو حتى في عمله، والأخيرة يتذمر كثير من الناس منها، والله سبحانه وتعالى
خلق الخلق وهو أدرى بما ينفعهم فقال :كل يوم هو في شأن)، فكل يوم جديد، فيه شيء جديد
وإن لم تجده فحاول إيجاده، لتكون أكثر سعادة بحياتك، وللتجديد صور وأشكال مختلفة
فالتجديد في الفكر وفي القراءة والكتابة، والأسلوب كلها متطلبات للتجديد، إذاً انهض
كل صباح وافتح نوافذ بيتك واستنشق هواءً نقياً، جدد ما حولك، ولو بتغير أمكنة الأثاث
في بيتك لمجرد تغيير الأمكنة ستشعر أن مزاجك أفضل من ذي قبل،
يقول المدربون:
التدريب بفواصل أجدى من التدريب المستمر، وهذا الكلام صحيح لأنك لو استمريت
على رتم واحد ستجد نفسك تكرر الأمر ذاته، وبأوقات متقاربة فيصبح الأمر مدعاةً للملل
والكآبة، ولكن في الانقطاع القليل تحتاج إلى مزيد من التدريب فتواصل، يقول الشافعي:
ألم تر أن الشمس زِيدت محبةً
........ إلى الناس أن ليست عليهم بسرمدِ
فلو أن الشمس بقيت في مكانها أربعاً وعشرين ساعة لشعر الناس بالضجر والملل
ولكنه تغرب ثم تشرق وهكذا. فهذا بحد ذاته تجديد، فنحن نحتاج إلى
التجديد في كل شيء
وأكثر ما ينصح به الأزواج الذين تهدد علاقتهم الزوجية بعض الرياح أن يجددوا فيبتعدوا
عن بعض قليلاً ليشتاق كل طرف للآخر، أو أن يسافرا معاً بعيداً عن الأبناء وزحمة المنزل
وربكة الأعباء المنزلية والواجبات، ونصيحتي للأزواج الذين بدؤوا يشعرون بالرتابة أن يمنحوا
أنفسهم وأزواجهم فرصة لالتقاط الأنفاس في هذا العصر المتسارع الخطى، فلو أن الرجل
دعا زوجته أو العكس إلى مطعم فاخر ولو مرة كل شهر على الأقل سيرى أن نفسيته
تتغير ونفسية زوجه تتغير نحو الأفضل، ويرجعان بمزاج أكفأ من ذي قبل.
ومما يحكى على ألسنة الحيوانات بعيداً عن ابن المقفع و"كليلة ودمنة" أن الأسد يطارد
غزالة ليفترسها، فالتفت الغزالة قائلة:" ألا تشبع؟ ألا تغير من أسلوبك؟
ألا يكفي ما تناولته من اللحوم؟ يا أخي غيّر حياتك. فخجل الأسد رجع أدراجه
وشوهد في اليوم التالي يحمل بطاقة شحن ليتصل بمن يحب"
وغاندي يقول: "أسمح للرياح القادمة من الخارج أن تغيرني ولكنني لا أسمح لها أن تقتلعني
من الجذور" يعني لديه جملة مبادئ يتمسك بها، أما ما عدا ذلك فأهلاً بالتغيير أيا كان مصدره.
التغيير مطلب إن لم تضعه أنت فسيأتي من يغير البيئة كاملة من حولك
ويغيرك أنت أيضاً وربما نحو الأسوأ، ومن ثم لا تستطيع أن تواجه المد العاتي
بمفردك، ولا تستطيع أن تجدف عكس التيار أيضاً.
وأنت في وسط المياه، إن لم تتحرك وتجدف فستأخذك المياه كل مأخذ
وتسحبك للقاع فتغرق وهذا شأن الحياة.
النبي صلى الله عليه وسلم غيّر مجتمعاً جاهلياً بأسره، فنقل أهله من مسارح الأسماك
إلى مدارج الأفلاك، وأنت تستطيع أن تغير من حولك ولكن ابدأ بنفسك، ولا تكن نسخة
عن سواك،
فلا نحتاج إلا مفتاحاً واحداً لكل باب.
بقلم : حميد الأحمد