نفسك عالم عجيب
يتبدل كل لحظة و يتغير , و لا يستقر على حال:
/
تحبّ المرءَ فتراه ملكاً , ثم تكرهه فتبصره شيطاناً ,
و ما ملكاً كان قطُّ ولا شيطاناً ,
و ما تبدلَ و لكن تبدلت حالةُ نفسك!
و تكون في مسرّةٍ فترى الدنيا ضاحكة ,
حتى إنك لو كنت مصوراً لملأت صورتها على لوحتك بزاهي الألوان ..
ثم تراها و أنت في كَدرٍ , باكيةً قد غرقت في سواد الحداد .
و ما ضحكت الدنيا قطُّ ولا بَكَت ,
ولكن كنت أنت الضاحك الباكي !
إن النفس كالنهر الجاري;
لا تثبت قطرةٌ منه في مكانها , و لا تبقى لحظة على حالها ,
تذهبُ و يجيءُ غيرُها , تدفعُها التي هي وراءَها ,
و تدفعُ هي التي أمامَها .
في كل لحظةٍ يموتُ واحد و يولدُ واحد ,
و أنت الكلّ ; أنت الذي ماتَ و أنت الذي وُلِد ,
فابتغِ لنفسك الكمال أبداً و اصعد بها إلى الأعالي ,
و استولدها دائماً مولوداً أصلحَ و أحسن ,
و لا تقل لشيء ( لا أستطيعه ) فإنك لا تزال كالغصن الطريّ ,
لأن النفس لا تيبسُ أبداً , و لا تجمدُ على حال ,
و لو تباعدت النقلة و تباينت الأحوال .
فيا أخي , اعرف نفسك و اخلُ بها و غُصْ على أسرارها .
و تساءَل أبداً : ما النفس؟ و ما العقل ؟ و ما الحياة ؟
و ما العمر ؟ و إلى أين المسير ؟
و لا تنسَ أن من عرف نفسَه عرف ربَّه ,
و عرف الحياة , و عرف اللذة الحقَّ التي لا تعدلها لذة .
و أن أكبر عقابٍ عاقب به اللهُ
من نسوا اللهَ . أنه أنساهم أنفسَهم !
ثم آستُعن وفُكر بعُمقِ!
|