.. نعمة أم نقمة؟!
*******
هل يعتبر الجمال أو الوسامة لدى الشخص دائماً فأل خير على صاحبه؟
طبعاً والجميع متأكد من ذلك ولكن أرجو أن تكمل القراءة فقد تغير رأيك..
نعم قد يجني الجمال على صاحبه كما في قصة (نصر بن حجاج) ذلك الفتى الجميل الذي
كان يقيم بين أهله في المدينة المنورة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ولكن حظه السيىء
جعل الخليفة يسمع إحداهن وهي تردد ببراءة وعن غير قصد:
أما من سبيل إلى خمر فأشربه
أو هل من سبيل إلى نصر بن حجاج
فغضب الخليفة عمر من هذا الكلام وأمر بإحضار ذلك الفتى فلما رأى جماله البهي قرر أن
يحلق شعره وفرض عليه ألا يمشي إلاَّ ملثما لإخفاء ملامح الجمال والفتنة فيه ولكن الغريب
أنه وبرغم امتثاله لذلك لم ينقص من جماله شيء وبقي مملوحاً! فقرر الخليفة أنه لن يسمح
لتلك الفتنة أن تقيم بمدينة الرسول فجهز له راحلة وأمره بالرحيل
فرحل إلى البصرة. فكانت أمه تودعه بقصيدة تصف الحال مطلعها:
جنى الجمال على نصر فغربه
عن المدينة تبكيه ويبكيها
ونفحة الحسن إن هبّت جوانحها
كنفحة الحرب إن هبّت سوافيها
وزهرة الروض لولا حسن رونقها
لما استطالت إليها كفّ جانيها
هذا ما حصل لواحد من الجميلين ولكن ما نتوهمه دائماً يخالف هذا الواقع وهو أن الجميل أو الجميلة
يسلب لبّ الآخرين ويبهرهم وينتزع إعجابهم ومن ثم تعاطفهم (غصباً عنهم) فيقدمون له ما يستطيعون
من تسهيلات حتى لو لم يكن يستحقها فكلنا تقريباً نعتبر مسحة الجمال جواز مرور لكل المواقع ودائما
ما نقرأ بالصحف خبراً حول هذا الموضوع كالذي نشر مؤخراً في معظم صحفنا المحلية عن دراسة غريبة
تقول (إن الجميلين من الجنسين لهم الأفضلية عند التعيين في العمل ويحظون بترقيات أسرع
وبدخل أكثر من غيرهم!!) أو تلك الطرفة عن مدير إحدى الشركات (أبو عين؟؟) عندما أراد توظيف
سكرتيرة خاصة فتقدمت له ثلاث فتيات ولأن الجمال يأسر وضع عينه على أجملهن وصمم على تعيينها
ولكن بطريقة ديمقراطية فعمل اختبار قبول شفهي ووجّه لكل واحدة سؤالاً وبدأ بتلك الجميلة بالسؤال التالي:
ما اسم المركبة الفضائية الأمريكية التي انفجرت ومات روادها؟
وعلى الفور أجابته المحروسة: تشالنجر. أما الباقيات فوجه لهن هذين السؤالين:
الأولى سألها: يا ترى كم مسماراً في تلك المركبة؟ والثانية سألها: كم صامولة فيها؟
لكن الواقع يقول غير ذلك فرغم أن الجمال نعمة من الله فقد يكون نقمة كما هو الماء نعمة ولكنه قد يغرق أحياناً
فأكثر من يستمتع بالجمال هو من ينظر إليه أما من يتصف به فكان الله في عونه وهذه حقيقة فلو نظرنا
إلى الموضوع بواقعية لوجدنا في معظم الأحيان أن (المملوح) سواء ذكراً أو أنثى يواجه صعوبات
ولا يعيش حياة هادئة خصوصاً بعد الزواج فسوف تعصف الغيرة غير المنطقية بعشه الزوجي وتنغص
عليه حياته وسوف تفسر كل تصرفاته بغير ما تحتمل. فإن سلم من علات الغيرةوويلاتها فقد يكون
فريسة للغرور أو ضحية لكيد حسود!! وهذا ما نراه في واقعنا.
ولكن أعتقد أن الجميع يردد الآن:
يا هلا بالجمال ويا هلا بكل إشكالاته
فهو مرغوب ومطلوب مهما هبّت جوانحه