إذا وجدتَ نفسك في أرضٍ لا تألفُها روحُك، وصعُب عليك تركُها؛ فاتَّخِذْ لك رِدءًا يُعينك
على نوائب الدَّهر، ويحمل عنك بعض الوجع.
ابحث عن صديق يُشبهك، ويمتَح من الْمَعين نفسه الذي تنهَل منه، وإياك أن تختار
من اشتهر بالبخل، ولو تدثَّر بلِباس التديُّن.
إن النفوس المفطورة على حب العطاء تُبغِض البخيل أشدَّ البغض، وتتحاشى الجلوس
معه؛ لأنها تراه قبيح الصورة، مشوَّه الخِلقة، وإني أتعجب أشدَّ العجب من بخيل
يمدح نفسه، ويُثني على كرمه دون أي خجل.
وإن أردت أن أمحضك النُّصح، وأنا والله لَأحوجُ إليه؛ لأن الحياة مليئة بالمتاعب،
ولا يَسلَم من قسوتها أحد، فإن قُدِّر عليك ونزلت بك فاقة، أو اعتراك همٌّ،
وأصابَتْكَ كُربة، فلا تَبُح لشامت؛ فتكون رهين نظراته، وحبيس إشاراته، وإن استطعت
أن تخبئ وجعَك بين أضلاعك، فافعل، ولكن إذا دَعَتْك الحاجة للتنفيس عن نفسك،
فعليك بصديق يهمس في أذنيك: ï´؟ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ ï´¾ [يوسف: 69].
لقد علمتنا تجارِب الحياة أن السذاجة تُورِد صاحبها المهالكَ، وتجعله مطمعًا لأصحاب
النفوس الدنيئة؛ لذا لا تَدَعْ أحدًا يسرِق شغفك، أو يختطِف فرحتك، أو يجرُّك إلى
أماكن تخسر فيها المزيد.
وختام القول:
إذا وجدتَ نفسك بين يدي النَّكبات تحاصرك، وتناوشك، وتخدشك
بأظافرها؛ فاصبر على ما أصابك، وسلِّم أمرك لله.