أحببت طبقا معينا. أدمنت عليه. بت أتناوله بتبذير. في جميع الفصول والأوقات. دون كلل أو ملل.
لم أمنح نفسي خيارات أخرى. هو الذي أطلبه كل مرة. عندما أذهب إلى المطعم برفقة أصدقائي، ويحين دوري يعلمون ماذا سأطلب.
يهتفون بصوت واحد، ينادون بطلبي على مسامع النادل، الذي يسجله على دفتره الصغير، وهو مملوء بابتسامته، إثر الاختيار الساطع الذي أمسى محفوظا لدى الجميع.
حتى لا أكلف نفسي عناء إضافة نكهات أخرى تجدده وتغيره.
ارتبط هذا الطبق بسعادتي. حينما أطلبه أسعد وأبتهج. لم أنفك عنه ولم ينفك عني.
يحاول رفاقي إثنائي عن تكراره، وأثنيهم عن محاولتهم. أضحى قدرا وواجبا مارسته وسلكته.
أدى سلوكي تجاه هذا الطبق، إلى انصرافي عنه. أصبح لا يستهويني. لم أعد قادرا على تناوله مجددا.
تساءلت كيف كنت أعشقه، والآن تغيرت ذائقتي نحوه؟
تعلمت درسا مهما هو كيف أدير اشتياقي تجاه الأشياء التي أحبها. لا أرتوي منها كاملا. أتناولها بتوازن. أتذوقها ولا ألتهمها. لا أشبع منها حتى أعود إليها بنهم ورغبة وجموح.
الشبع يؤدي إلى الامتلاء. والامتلاء يخدرك ويصيبك بالبلادة والانطفاء.
أما الظمأ فهو يدفعك إلى اللهفة والشغف والهيام.
كلما أدرنا اشتياقنا استطعنا أن نستمتع أكثر. الاشتياق يجعلنا نستشعر قيمة الأشياء.
قاوم يا صديقي الارتواء الكامل. ارتشف القليل لتنعم وتحفل به.
قليل مما نحب كثير.
فلا تسرف في التعاطي مع الأشياء التي تهوى، فتهوي من قائمة أولوياتك.
تذكر أن تكرار الشيء يرخصه.
تمتاز الأشياء الثمينة جدا بشحها.
الوفرة تلغي سحر الندرة.
إذا أحببت شيئا اعتن به. حافظ عليه من أن يصبح روتينا.
احذر من أن يكون واجبا أو عادة، فيأفل ويتراجع.
يا صديقي؛
أدر اشتياقك، ليدوم حبك للأشياء التي تحبها.