سياسة طبع النقود.. لماذا لا تلجأ الدول لإصدار العملات وتجعل شعوبها غنية؟
لاشك أن إجراءات طبع النقود ليست بالسهلة، ولها حسابات معقدة وضوابط لا يجوز الحياد عنها؛ حتى لا تحدث أزمة كبيرة في اقتصاد الدولة، وغالبًا ما تطبع أغلب الدول عملتها خارجيًا في سويسرا التي تسيطر على هذه الصناعة، أو الولايات المتحدة الأمريكية، أو الهند.
ويتساءل البعض لماذا لا تلجأ الدول لـ طباعة النقود عند الحاجة؛ فتجعل شعوبها أغنياء دفعة واحدة، أو تسدد مديونتها الداخلية وغيرها؟! وفي السطور التالية نجيب عن السؤال، ونكشف عن سياسة الدول في طبع النقود..
ضوابط طباعة النقود
تسبب كثرة طبع النقود تضخمًا كبيرًا للاقتصاد بل انهياره؛ كما تؤدي إلى غلاء الأسعار بشكل ضخم، فالإجابة بسهولة، أن من شأن ذلك القرار أن يدمر اقتصاد الدولة تمامًا؛ حيث إن طباعة النقود يجب أن تكون مرتبطة بحجم إنتاج الدولة، حيث لا يزيد الناتج المحلي الإجمالي من النقود؛ في يظل الإنتاج في مستواه نفسه أو أقل من السابق؛ فذلك من شأنه أن يُحْدِثَ تضخمًا في اقتصاد الدولة. الموازنة مع النقد الأجنبي والذهب
لابد على كل دولة، أن تربط عملية طباعة النقود بما يوازن بين النقد الأجنبي لديها والاحتياطي من الذهب؛ حتى تحافظ على اقتصادها، حيث يجب أن يقابل ضخ النقود في العملية المحلية، حجم النقد الأجنبي في الدولة أو الاحتياطي من رصيد الذهب، أو السلع والخدمات التي تنتجها الدولة؛ حتى تكون عملة الدولة قوية والنقود المطبوعة الجيدة ذات قيمة، ولا تكون مجرد أوراق نقدية مطبوعة تضعف اقتصاد الدولة. ارتفاع الأسعار
أما في حالة قررت الدولة طباعة النقود وضخها في السوق بشكل أكبر من حجم اقتصادها من الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية أو احتياطي الذهب، أو السلع والخدمات التي تقدمها وتنتجها الدولة؛ فسيتسبب ذلك في انهيار قيمة العملة الشرائية، وارتفاع الأسعار بسبب التضخم، وتحدث حالة تُسمى "لا استقرار" في اقتصاد الدولة؛ ما يعود بالانهيار على قطاعات الدولة.
كما يتسبب ذلك في فقدان الشعب والمستثمرين ثقتهم بالعملة المحلية؛ ما يجعلهم يسارعون للتخلص من العملة المحلية الضعيفة، والتوجه لشراء وامتلاك العملات الأجنبية القوية؛ كما يزيد من انهيار العملة المحلية ويؤدي في النهاية إلى انهيار الاقتصاد الكلي للدولة. أسباب طباعة النقود
تلجأ الدول لطباعة النقود لإنعاش الاقتصاد في بعض الحالات ويزداد الإنتاج، ولكن يحدث ذلك في الدول التي تشهد نموًا اقتصاديًا؛ حيث تمثل طباعة النقود الجديدة مثل ضخ الدماء في الاقتصاد القومي للدولة، ويؤدي طباعة النقود في تلك الحالة إلى خفض الأسعار، ومن ثم تفتح المجال أمام دخول المستثمرين لتلك الدولة بفضل الأسعار المنخفضة ويزيد الإنتاج وتزيد السلع والخدمات.