فاينانشيال تايمز: الشرق الأوسط وصل لنقطة "يستحيل معها التمييز بين الفعل ورده"
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية،أن الشرق الأوسط وصل مؤخرًا إلى نقطة يستحيل فيها التمييز بين "الفعل ورد الفعل"، وأنه يتعين على واشنطن التركيز على 4 محاور للحيلولة دون اندلاع صراع أوسع نطاقًا فى المنطقة بين إيران وإسرائيل.
واستهلت الصحيفة مقال رأى كتبه ريتشارد هاس - وهو مستشار أول فى مركز فيو بارتنرز ورئيس فخرى لمجلس العلاقات الخارجية ودبلوماسى أمريكى سابق - بالقول إن النفوذ الأمريكى فى المنطقة على الرغم من كل قوته، إلا أنه بدا محدودًا بشكل واضح لكن مفهومه لايزال بعيدًا عن العدم.
وأضافت أنه بعد ما كان من المؤكد تقريبًا أنه هجوم ضال لحزب الله، على قرية درزية فى مرتفعات الجولان المحتلة الأسبوع الماضي، ردت إسرائيل بضربة جوية قتلت أحد كبار قادة حزب الله ثم جاء اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، ورئيس مفاوضيها فى محادثات وقف إطلاق النار فى غزة، فى إيران. وقبل أيام، كان هناك أيضًا تبادل للضربات العسكرية بين إسرائيل والحوثيين، وهى منظمة ثالثة تدعمها إيران.
وأوضحت الصحيفة أن كل هذه التوترات تأتى بعد أشهر من الاشتباكات العسكرية على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية والتى أجبرت نحو ستين ألف إسرائيلى وما لا يقل عن نفس العدد من اللبنانيين على إخلاء منازلهم.. وأبرزت أن ثمة تساؤلًا يطرح نفسه الآن بقوه حول ماذا سيحدث بعد ذلك؟ وماذا ينبغى للولايات المتحدة أن تفعل حيال هذا الوضع المضطرب؟!
وقالت الصحيفة - فى مقالها - إنه من الصعب حاليًا تصور نجاحًا فى محادثات وقف إطلاق النار فى قطاع غزة المنكوب، مضيفة أنه حتى قبل الاغتيالات الأخيرة، لم يتفق الجانبان على مدى وقف "الأعمال العدائية" أو مدى قبول الوجود العسكرى الإسرائيلى المستمر فى غزة. ومن المحتمل أن يكون أقصى ما يمكن تحقيقه الآن هو صراع مستمر فى غزة، لكن بكثافة أقل كثيرًا.
كما أنه من غير الواضح - بحسب الصحيفة - ما إذا كان من الممكن تجنب التصعيد الهائل بين إسرائيل وحزب الله. وربما يكون السؤال الأعظم هو ما إذا كان من الممكن منع الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران. فقد نجا البلدان بصعوبة بالغة من الدخول فى حرب فى إبريل الماضى عندما هاجمت إيران الأراضى الإسرائيلية بأكثر من ثلاثمائة طائرة بدون طيار وصاروخ فى أعقاب اغتيال إسرائيلى آخر واختارت إسرائيل وقتها، بضغط كبير من الولايات المتحدة، ردًا مدروسًا بدا وكأنه مصمم لإظهار قدرتها على اختراق الدفاعات الإيرانية بدلا من التسبب فى أضرار جسيمة.
ورأت الصحيفة البريطانية أنه يتعين على واشنطن أن تركز على أربعة محاور لنزع فتيل الأزمة، أولها: أنه لا ينبغى لإدارة الرئيس جو بايدن أن تتراجع عن دعوات وقف إطلاق النار فى غزة ورغم أنه من الواضح أن تحقيق ذلك سيكون أكثر صعوبة من أى وقت مضى، إلا أن ثمة حقيقة وهى أن إسرائيل تفتقر - بشكل متزايد - إلى مبرر عسكرى لمواصلة الحرب. كما أن لديها حافزًا متجددًا لإعادة تركيز قواتها ومعداتها على جبهات أخرى، فضلًا عن وجود ضغوط محلية كبيرة لإطلاق سراح محتجزيها، لذا فإن هذا الجهد لن يكون بلا جدوى.
ثانيا، يتعين على الولايات المتحدة - وفقًا لمقال الصحيفة - أن تضغط على إسرائيل لتظل منفتحة على نهج دبلوماسى للتعامل مع الوضع فى جنوب لبنان، خاصة وأنه من الصعب تخيل كيف قد تجعل الحرب مع حزب الله إسرائيل فى وضع أفضل فى ظل وجود أكثر من مائة ألف صاروخ فى ترسانة حزب الله، جميعها صواريخ قادرة على الوصول إلى المراكز السكانية الإسرائيلية وإلحاق الضرر الشديد باقتصادها الضعيف بالفعل. وفى الوقت نفسه، يثبت التاريخ أن الاحتلال الإسرائيلى للبنان من غير المرجح أن يسفر عن نتائج إيجابية. وينبغى أن يكون الهدف حاليًا هو تمكين سكان شمال إسرائيل من العودة إلى ديارهم. وربما يكون من الممكن سحب بعض القوات المتبادلة.
ثالثاً، من المحتم أن ترد إيران على "الإذلال" الذى لحق بها نتيجة اغتيال هنية على أراضيها، بعد ساعات قليلة فقط من لقائه بالرئيس الإيرانى الجديد وزعيمها الأعلى، لذلك، رأت الصحيفة أنه من الجيد أن تضغط الولايات المتحدة على الصين، التى تعتمد بشكل كبير على النفط الإيرانى لتشجيع إيران على الرد المحدود. ثم، كما حدث فى إبريل، قد تدافع الولايات المتحدة عن الرد المحدود من جانب إسرائيل.
ورابعًا، ذكرت "فاينانشيال تايمز" أنه لا ينبغى للولايات المتحدة أن تتخلى عن الهدف الأكبر والأبعد أمدًا المتمثل فى "إيجاد بديل سياسى لحماس يكون على استعداد لمعالجة الأهداف السياسية الفلسطينية المعقولة والعيش فى سلام مع إسرائيل". كذلك، قد يكون من الجيد أيضًا أن تسعى واشنطن لفرض عقوبات سياسية واقتصادية تتعلق بالنشاط الاستيطانى الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية المحتلة.