حياتنا سلسلة من الأحداث ..تتبدل فيها الأحوال .. وتتقلب
بين حزن وسعادة ..غربة و ترحال ... لقاء وفراق..
تباعدنا الدروب .. وتتغير الظروف وتفرض علينا واقعاً
لا خيار لنا فيه ولا نملك إلا تقبله وإن كان غير مرغوباً...
تمتزج داخلنا مشاعر من الرفض وعدم الرضا بهذا الواقع
ونشغل أنفسنا بالتفكير .. ونملأها بالحسرات ...
ونتمنى أن يتوقف الزمان وتتجمد حركة الساعة
لتعود عقاربها إلى الماضي ويرجع الزمان إلى الوراء..
وربما نفقد السيطرة على عقولنا
فـنقف مكاننا .. وتتبعثر الحروف أمامنا دون تكوين أي كلمات ...
عاجزين عن تفسير ما يحدث لنا ...
ولـكن ...
لو توقفنا في لحظة تَفكُر ....
وأعطينا لذهننا مساحة أوسع للتأمل والتعمق في حالنا ..
لوجدنا فيما نعتبرهـ محنة .. منح كثيرة
وبعد كل ضائقة فرج قريب ...
فـمهما كانت الظروف والشدائد .. علينا أن نتكيف معها
ونخرج من مرها وروداً
يعبق أريجها ليزيد الحياة من حولنا نقاءً وصفاء..
وهذا لا يكون إلا إذا ملأ نفوسنا الرضا والقناعة بما كتبه الله لنا
وقدّره علينا وأن الخير موجود فيما كنا نعتبره كارثة أو مصيبة ...
(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
(البقرة: من الآية216)
فالرضا بالحال يُطمئن النفس ويدفع إلى الحياة ...
فكم منا دفعته الظروف للغربة عن وطنه ..
فوجد حلمه ينتظره فاتحاً ذراعيه ..
وكم منا غاب عن أهله مرغماً فالتقى بأناس لطالما كان
يتمنى لقاءهم وضعهم القدر أمامه
فكانوا خير سند له تتدفق منهم ينابيع الإخوة والوفاء ...
فالمؤمن هو من يبحث عن الجانب المشرق
بكل شديدة تمر عليه ..ويثبت أمام الأقدار
ثبوت الجبال أمام الرياح العاتية ..بإيمانه واعتماده على الله
فالرضا بالقدر بلسم الجراح .. وفيض من الأمن والطمأنينة
ودافعاً للصبر وتحمل الصعاب ...
والمؤمن من يرى في كل شيء نعمة وخيراً
ويتفكر فيما أعطاه الله وحَرم منه آخرين
ويجعل من العوائق دافعا لتقوية نفسه وشحن عزيمته ...
فلا يكرهـ ما أتاهـ وان كان كثيراً ولا يطلب ما تعذر وان كان يسيراً ..
ولنكن جميعاً على قناعة بأن ما أصابنا ما كان ليخطئنا
وما أخطئنا ما كان ليصيبنا ...